Thursday, January 17, 2013
اتابع,ببعض الاستغراب,التشنج الشديد الحاصل بخصوص ما يحدث في مالي,و محاولة الدفع به دفعا ليصبح أولوية لها طابع ديني ,جهادي يسبق سواه من أولويات..
الوضع في مالي معقد,و ليس الأمر فقط صراع بين صليبي كافر و مسلم مجاهد..هو صراع مصالح بالدرجة الأولى لكل الأطراف المتورطة..
ففي جانب, يوجد لدينا مجموعات ذات توجه اسلامي متشدد,بعضها لها ارتباطات عضوية بتنظيم القاعدة في المغرب العربي,و ما تعتنقه من مفهوم للجهاد العالمي و استخدام العنف وسيلة وحيدة للتمدد و الانتشار,و ما يشكله اسمها للكثير من الجهات من رعب..
و لدينا الجزائر في جانب أخر,و هي الدولة التي ارتكب حكامها العسكر أكبر حماقة في التسعينات ,حين تسبب الغاؤهم للانتخابات التي فاز فيها الاحزاب ذات التوجه الاسلامي,و التي أدت الى حرب ضروس ذبح فيها عشرات الألاف,و تنقبض قلوب العسكر من احتمالية أن يفتح تفاقم الوضع في مالي بابا شبيها قد يكون أسوأ من الباب السابق.
و لدينا فرنسا,المستعمر السابق ,الذي تم اقتلاعه من كل امتداداته الاستعمارية العسكرية السابقة, و لا زال يتحجج بمسؤوليته التاريخية نحو مستعمراته السابقة ,ليبرر تدخله و حماية مصالحه القائمة في المنطقة..
لكن الجانب الأساسي للتدخل في مالي,في الحقيقة,قد يكون ليبيا..
ليبيا التي يراقبها الجميع بحذر عن قرب,وبحذر,دون أن يتكلموا عنها. فهي الجوهرة التي يسيل لها لعاب الجميع, بموقعها الجيوسياسي المهم ,الذي يجعلها عمقا استراتيجيا لأوروبا و بوابتها نحو افريقيا,و بوابة لتصدير المشاكل أيضا نحو أوروبا(كما يظهر واضحا بالنظر الى موضوع الهجرة غير الشرعية), و امكانياتها الاقتصادية الكامنة التي عرف القذافي كيف يستخدمها ليطوّع بها أعداءه السابقين .
الفراغ السياسي في ليبيا يقلق الكثيرون, و أصبحت البلاد ملعبا لصراع القوى بين لاعبين متعددين,صغار و كبار,يريدون أن تكون لهم الحظوة في توجيه الدفة في هذا الاتجاه أو ذاك. و يقومون في هذا السياق بدعم مختلف الفرقاء في الساحة الليبية الحالية,و هذا أحد عوامل عدم الاستقرار التي تعصف بالبلاد حاليا..
و لذا,ففي رأيي المتواضع, فـان حماسة فرنسا للقفز للتدخل في مالي,مدعومة,معنويا على الأقل, من حلفائها بالناتو ,و دول أخرى, مرتبط أساسا بتفاقم الوضع في منطقة هي امتداد و عمق حيوي للدولة الليبية. و ترك الأمور تتفاقم, سينعكس حتما على زيادة تعقيد الوضع في الداخل الليبي و اخراجه أكثر من السيطرة.و هذا أمر أكدته,بشكل ما, ردود الفعل من بعض الجماعات داخل التراب الليبي,التي رهنت الاستقرار في البلاد بما يحدث في مالي,دون الأخذ في الاعتبار هشاشة الوضع في الداخل الليبي ,و وجود أمور ذات أولوية ترتبط بواقع الحياة اليومية المعاش في ليبيا, و لسان حالهم يقول: ان أسقطت الرياح الشجر في بيت جاري,فلأقتلعن الكرمات في بيتي...
هناك المهم,وو هناك الأهم..و في هذه المرحلة الدقيقة,أفصل الطرق يكون بالتركيز على الوضع الداخلي و الاسراع بالانتقال من مرحلة الثورة و ما يصاحبها من ضعف و انعدام أمن و استقرار, الى مرحلة الدولة,التي تكفل لنا أن نكون لاعبا في المنطقة,لا ملعبا, و بهذا تتحقق لنا القدرة أن نكون مؤثرين على جريان الأمور في عمق ليبيا الاستراتيجي, و عدم السماح لأي يكن بالتلاعب باستقرار منطقة هي ذات عمق حيوي رئيسي لنا...
و هذا لا يتأتى بالخطاب المتشنج المتسرع ,فالمؤمن فطن ,و كيّس, لا تتجاذبه أهواء و لا يدفعه التهور..
أدعو الله أن يكتب لأمتنا ما فيه الخير و الصلاح
عاصم سليمان
Saturday, September 22, 2012
ما حدث
لفهم كل شئ, يجب أن لا نتطلع الى الأجزاء مفردة..بل الى الصورة الكاملة بكل جزئياتها و مركباتها.. حل أي معادلة يستوجب تفكيك متغيراتها و من ثم محاولة استنباط لماذا يتجه ناتج هذه المعادلة باتجاه دون غيره..
تحدثنا كثيرا و قليلا على ما جرى,وهو في مجمله مؤسف...و تواردت تفسيرات و استنتاجات و أراء كثيرة,كلها ركزت على أجزاء من المشكل..
فسر البعض أنه (انكار) لجميل أبطال الثورة و رجالاتها..و أخرون نسبوا ماحدث لتحرك الأزلام, و مجموعة أخرى بررت استهدافها لتشكيلات الثوار المسلحة بخوفهم أن تسيطر على ليبيا المستقبل ميليشيات و امراء حرب كل له في البلاد مطمع..
مجرد اجتهاد مني على الأغلب سيجانبني الصواب في كثير منه,لكن مجرد محاولة للطرح بتجرد و حيادية..
أسباب ما حدث في بنغازي بالذات يمكن تلخيصها بالتالي:
* بنغازي حاضنة الثورة في بداياتها,و ما صاحب تلك الفترة من حراك سياسي و عسكري و مجتمعي على أعلى مستوى. كانت فيه بنغازي هي مقر الحكومة و قيادات الجيش ,و قيادات الثوار المدنيين. قبلة الساسة و مندوبي الدول و المنظمات الدولية. هي ركن الاساس في دعم التحرك الثوري في كل أنحاء ليبيا بتنسيق التزويد بالمؤن و السلاح و العتاد و الرجال,و مركز اهتمام العالم.
فجأة خلت من كل هذا ,و بات سكانها يشعرون بأن الجميع تخلى عنهم, لم يبق لهم من أرث الثورة الا عشرات الاف النازحين من مختلف أنحاء البلاد,دون محاولة حقيقية من الحكومة للتعامل مع المشكل و تركها للمدينة, و ما تتبع ذلك من اختراق أمني واضح و انتشار مقلق لجرائم تبدو ذات طابع سياسي أو أيديولوجي أو أجرامي صرف.
* تكفل تشكيلات أمنية مختلفة مسئولية الأمن في بنغازي, فبرغم قناعتي بأن العديد من هذه التشكيلات قد نشأت بنية صادقة لحماية الثورة و مكتسباتها ,و تأكيد فرض النظام و القانون, الا ان عدم تجانسها مع بعضها البعض, و اختلاف أيديولوجياتها و طرقها لتحقيق هذه الغاية, جعلت الكثيرون لا يشعرون بالراحة كثيرا,و جعلته لا يدري ما اذا كان توجهها مستقبلا سيكون لحمياته أو السيطرة عليه..و هنا فان الجيش و الشرطة على الاقلتحمل بعض التجانس و توحد في العقيدة يجعل المواطن أكثر قدرة على قبولها,حتى و ان شابتها عيوب و شبهات في بعض مكوناتها.. لتأكيد هذا,صرح قائد احدى هذه التشكيلات الأمنية بأن تشكيله لن يضع السلاح الا حين تحقق المنهاج الفكري الذي تتبعه هذه المجموعة.
و طبعا زاد من القلق اصرار التشكيلات و الكتائب التي وافقت على الانضواء تحت مظلة الداخلية أو الدفاع ,على الحفاظ على تركيبتها و افرادها و قيادتها بمعزل عن القيادات العليا,و عدم قبول منظميها للالتحاق بالجيش و الشرطة و أمن الحدود كأفراد عسكريين.. و هو يجعل التشكيك في أهدافهم و توجهاتهم وولائهم سهلا لمن كان في نفسه غرض..و خصوصا تكرر الحديث من قبل العديد من الثوار و قادتهم على حقهم المميز في التعويض مقابل تضحياتهم و الضغط أكثر و أكثر في اتجاه تحصيل المزيد و المزيد من الامتيازات المالية و المعاملاتية,بما يهدد في الواقع اقتصاد الدولة ,في ضوء الارقام المذهلة التي نسمع عن هدرها,و زاد الطيم بلة ان غياب المؤسسات جعل غول الفساد اكثر تغلغلا في نسيج و مفاصل الدولة
*طبعا ,كل هذا التوتر تساهم في تغذيته بقايا الألة الاعلاميةو الأمنية لنظام معمر المنهار.. فاستغلال حال الفوضى الامنية لتصفية حسابات من (خانوا) قائدهم, و البث النشط للاشاعات و تأليب المدن و القبائل و التوجهات الفكرية المختلفة بعضها على بعض تم بسهولة بالنسبة لهم..و خصوصا في وضع انعدام الثقة بين هذه المركبات بين بعضها البعض... و بنغازي,للأسف, كانت بيئة خصبة لهذا ,بسبب الفراغ المؤسساتي الكبير الواضح للعيان,و الذي يجعل حتى أمور الحياة اليومية البسيطة,كجمع المخلفات مثلا, تحديا مضنيا يغلفه الاحباط..
* دور الاعلام غير المسئول. و بثه للأخبار و الشائعات و الأحاديث التي تمثل توجه معين دون غيره.مناطقيا,جهويا,فكريا ,او حتى دينيا..كل هذا,من جديد يضيق المزيد من الزيت على نار عدم الثقة و الخوف من تكرار الماضي و الرهبة من المستقبل.
* النقطة الأخيرة التي لا تستوقف الكثيرين,برغم خطرها الحقيقي, هي استمتاع البعض بحالة ال (لا سيطرة حكومة) أو Anarchy كما تسمى بالانجليزية..و هي تفضيل الكثيرين لعدم وجودسيطرة حكومية من أي نوع, و تفضيلهم لوضع (كل شخص لنفسه) , و برغم عدم منح هذا التوجه اسما في ليبيا,الا أن حركات ناشطة في العالم تسوق مثالا ممتازا هل هذا,كما بعض المنظمات السرية في اليونان, أو بعض اليمينيين المتعصبين في الولايات المتحدة الذين يعتبرون سيطرة الحكومة المركزية و المحلية أحيانا أحتلالا و انتهاكا لحقهم في الحرية الشخصية,و ان لم تصل الامور في ليبيا الى حد تكون تشكيل منظم في هذا الاتجاه,الا ان استمتاع البعض بحال الفوضي و استمرار الوضع على ما هو عليه, اشارات مبكرة على هذا التوجه...
اعذروا طالتي في المقال..
عاصم سليمان
Sunday, September 16, 2012
We Remember
Today we remember those who gave the ultimate sacrifice for freedom and peace.. The brave Libyan men an women ,old and young ,professionals, businessmen ,students, soldiers, journalists ,fathers ,mothers ,brothers ,sisters..
Those who gave up the safety of homes and dived into danger with nothing but faith..
Those who died in the safety of their homes when the blind vicious war machines rained death and destruction...
Today we remember people we knew and we no longer with us..
Today we remember faces we never knew ,but we owe ...
Today we shed tears ,we smile ,we reflect , we cherish their memories and each other..
Today we try to understand the the past to secure our present ,and build our future...
Today ,we Libyans ,should think about all the sacrifices made so we can enjoy our responsible freedom as Libyans ,as Human beings...As a part of a dynamic ,challenging world where there is no place for ignorance and profanity.... A world where we are judged by our good deeds ,and our positive impact on others...
For tomorrow ,and beyond: Remember..
Asem Suliman
Those who gave up the safety of homes and dived into danger with nothing but faith..
Those who died in the safety of their homes when the blind vicious war machines rained death and destruction...
Today we remember people we knew and we no longer with us..
Today we remember faces we never knew ,but we owe ...
Today we shed tears ,we smile ,we reflect , we cherish their memories and each other..
Today we try to understand the the past to secure our present ,and build our future...
Today ,we Libyans ,should think about all the sacrifices made so we can enjoy our responsible freedom as Libyans ,as Human beings...As a part of a dynamic ,challenging world where there is no place for ignorance and profanity.... A world where we are judged by our good deeds ,and our positive impact on others...
For tomorrow ,and beyond: Remember..
Asem Suliman
Monday, July 23, 2012
اتهامات
أبغض بشدة تصرفات التي توحي بالفوقية و استسهال توجيه أصابع الإتهام للآخرين ، خصوصاً لتبرير عدم تحقيق المراد، و محاولة تسفيه خيارات الآخرين و العزف على أوتار التخوين و التشكيك..
و بصريح العبارة : هذا ما فعله السيد صوان بتصريحاته..
لديّ تحفظاتي على جبريل أيضاً، لكن هذه الألعاب السياسية في رأي لا تخدم إلا أهدافاً خفية لا تُظهر للعلن..
فأنا أخشى جبريل كما أخشى الأخوان كما أخشى أي فريق سياسي آخر لأن ال...دولة في مرحلة بناء، و لأننا لا خبرة حقيقية لنا في التعاطي في السياسة.. لكن النقطة ايجابية في انتخاب جبريل كانت أن الشعب الليبي ، برغم عاطفيته و تدينه، لم يسلم قياده للعاطفة و اتبع خطاب جبريل الذي عزف على ما يريد الشعب سماعه و العمل على تحقيقه: بناء الدولة، و الخدمات ، و المشاركة.. و لم يطرح ، حتى الان، ايديولوجيا معيّنة..
اما كلام صوان عن خداع الشعب من قبل جبريل و خشيته من صعود "تحالف" جبريل الى السلطة و صعود الازلام معه و ايضاً الايحاء بأن الاحزاب ذات التوجه الاسلامي ستشكل تحالفاً هي الأخرى ( كأنما للإيحاء بأن الموضوع له علاقة بمواجهة بين مسلمين حقيقيين و غيرهم، و تخيير الشعب بين ان يقف الى جانب ما تتصوره جماعة معينة بانه الحق او الباطل) فيه استخفاف كبير بخيارات الشعب و توجهاته و تلميحات اقل ما يقال عنها انها لا تثير الارتياح..
المبدأ الذي تقوم عليه ليبيا الجديدة ، برضى الشعب ، هو التداااااااول..
الا ان كان في النفس ما لا نعلم
و بصريح العبارة : هذا ما فعله السيد صوان بتصريحاته..
لديّ تحفظاتي على جبريل أيضاً، لكن هذه الألعاب السياسية في رأي لا تخدم إلا أهدافاً خفية لا تُظهر للعلن..
فأنا أخشى جبريل كما أخشى الأخوان كما أخشى أي فريق سياسي آخر لأن ال...دولة في مرحلة بناء، و لأننا لا خبرة حقيقية لنا في التعاطي في السياسة.. لكن النقطة ايجابية في انتخاب جبريل كانت أن الشعب الليبي ، برغم عاطفيته و تدينه، لم يسلم قياده للعاطفة و اتبع خطاب جبريل الذي عزف على ما يريد الشعب سماعه و العمل على تحقيقه: بناء الدولة، و الخدمات ، و المشاركة.. و لم يطرح ، حتى الان، ايديولوجيا معيّنة..
اما كلام صوان عن خداع الشعب من قبل جبريل و خشيته من صعود "تحالف" جبريل الى السلطة و صعود الازلام معه و ايضاً الايحاء بأن الاحزاب ذات التوجه الاسلامي ستشكل تحالفاً هي الأخرى ( كأنما للإيحاء بأن الموضوع له علاقة بمواجهة بين مسلمين حقيقيين و غيرهم، و تخيير الشعب بين ان يقف الى جانب ما تتصوره جماعة معينة بانه الحق او الباطل) فيه استخفاف كبير بخيارات الشعب و توجهاته و تلميحات اقل ما يقال عنها انها لا تثير الارتياح..
المبدأ الذي تقوم عليه ليبيا الجديدة ، برضى الشعب ، هو التداااااااول..
الا ان كان في النفس ما لا نعلم
(لا تقربوا الصلاة)
( لا تقربوا الصّلاة)
إن استخدام أي معلومة ، دون الأخذ في الإعتبار سياق المعطيات العام الذي استقينا منه تلك المعلومة، و التعامل معها على اساس أنها شئ مجرد يجب التعامل معه بمنطق الأبيض و الأسود ، سيؤدّي حتماً الى الوصول الى نتائج خاطئة و خطيرة ، بحسب ما تفرضه ظروف الوضع..
المعلومات التي ساقتها الجزيرة بخصوص تورط السيد جبريل في ما تم ادعاؤه من تأمر على الثورة ، برغم تحفظي الشديد على توقيت مقاربتها ، يجب التعامل معها ، سواء صحّت ام لم تصحّ ، وفق الحقائق التالية:
اولاً ان قطر، شئنا أم أبينا ، لاعب اساسي في الساحة السياسية الليبية الحالية ، و تربطها ، منذ قيادتها للتحرك الدبلوماسي و دفعها للتدخل العسكري لحماية المدنيين، علاقات معقدة بعدد من اللاعبين الاساسيين في مسرح السياسة الليبيةزو شئنا ام ابينا، أيضاً، فان الجزيرة هي الذراع الاعلامي لدولة قطر، و بشكل عام، برغم عدم شكي في حرفيتها و مصداقيتها العالية، فهي تمثل توجّه المصالح القطرية....و هذا امر لا يعيبها و ينطبق على أكبر مؤسسات الاعلام في العالم ايضاً.. وواجبنا ان نستقي ما يفيد..
ثانياً: الوضع خلال الاشهر الاولى للثورة كان معقداً جداً، و شابه جمود سخيف كان أقرب الى حالة اللاسلم و اللاحرب.. و شعرت العديد من الحكومات التي تدخلت في ليبيا، مراهنة على سرعة انتهاء النظام، بأنها تورطت في مستنقع بدا الفكاك منه وقتها صعيباً.. و ضغطت عدة دول باتجاه محاولات طرح عدد من الحلول لانهاء الازمة بسرعة، و شملت هذه مفاوضات سرّية ، و محاولة اقناع معمر بترك البلاد، او حتى اقناع الاطراف كافة بالتقسيم بانه الحل الوحيدو هو الذي رفضه الليبيون جميعاً..
تورط جبريل في مفاوضات كهذه أمر متوقع بمقتضيات الظروف وقتها ، و ذلك بسبب ضرورة التعاطي مع الدول ذات المصلحة و التي كانت متورطة في المشهد الليبي.. و استخدام صفة ( الخيانة و التآمر) لتوصيف جبريل أو غيره، ليس في محلها ... و الا كان الاولى لنا ايضاً ( ان نترك الصلاة) اذا عجزنا عن رؤية تكملتها ( و أنتم سكارى)
تحياتي
إن استخدام أي معلومة ، دون الأخذ في الإعتبار سياق المعطيات العام الذي استقينا منه تلك المعلومة، و التعامل معها على اساس أنها شئ مجرد يجب التعامل معه بمنطق الأبيض و الأسود ، سيؤدّي حتماً الى الوصول الى نتائج خاطئة و خطيرة ، بحسب ما تفرضه ظروف الوضع..
المعلومات التي ساقتها الجزيرة بخصوص تورط السيد جبريل في ما تم ادعاؤه من تأمر على الثورة ، برغم تحفظي الشديد على توقيت مقاربتها ، يجب التعامل معها ، سواء صحّت ام لم تصحّ ، وفق الحقائق التالية:
اولاً ان قطر، شئنا أم أبينا ، لاعب اساسي في الساحة السياسية الليبية الحالية ، و تربطها ، منذ قيادتها للتحرك الدبلوماسي و دفعها للتدخل العسكري لحماية المدنيين، علاقات معقدة بعدد من اللاعبين الاساسيين في مسرح السياسة الليبيةزو شئنا ام ابينا، أيضاً، فان الجزيرة هي الذراع الاعلامي لدولة قطر، و بشكل عام، برغم عدم شكي في حرفيتها و مصداقيتها العالية، فهي تمثل توجّه المصالح القطرية....و هذا امر لا يعيبها و ينطبق على أكبر مؤسسات الاعلام في العالم ايضاً.. وواجبنا ان نستقي ما يفيد..
ثانياً: الوضع خلال الاشهر الاولى للثورة كان معقداً جداً، و شابه جمود سخيف كان أقرب الى حالة اللاسلم و اللاحرب.. و شعرت العديد من الحكومات التي تدخلت في ليبيا، مراهنة على سرعة انتهاء النظام، بأنها تورطت في مستنقع بدا الفكاك منه وقتها صعيباً.. و ضغطت عدة دول باتجاه محاولات طرح عدد من الحلول لانهاء الازمة بسرعة، و شملت هذه مفاوضات سرّية ، و محاولة اقناع معمر بترك البلاد، او حتى اقناع الاطراف كافة بالتقسيم بانه الحل الوحيدو هو الذي رفضه الليبيون جميعاً..
تورط جبريل في مفاوضات كهذه أمر متوقع بمقتضيات الظروف وقتها ، و ذلك بسبب ضرورة التعاطي مع الدول ذات المصلحة و التي كانت متورطة في المشهد الليبي.. و استخدام صفة ( الخيانة و التآمر) لتوصيف جبريل أو غيره، ليس في محلها ... و الا كان الاولى لنا ايضاً ( ان نترك الصلاة) اذا عجزنا عن رؤية تكملتها ( و أنتم سكارى)
تحياتي
Friday, November 4, 2011
فخ الشرعية الثورية
يعلمنا التاريخ بأن الثورات عادة تقوم ضد الظلم ,و التمييز الاجتماعي , و احتكار السلطة و الثروة ,وضد الممارسات الديكتاتورية التي قد يقوم بها فرد أو مجموعة من الأفراد يمثلون مصالح مشتركة تجمعهم.
لكن المشترك بين معظم تلك الثورات ,منذ قيام الثورة الفرنسية (1789-1799) و حتى تفجر الثورة الليبية(15 فبراير 2011 -؟؟؟؟) هو بروز ظاهرة ما يسمى بالشرعية الثورية
و كما خبر الليبيون,فقد كانت الشرعية الثورية هي النغمة المفضلة في نظام معمر القذافي المنهار, و التي استعملت في حالات كثيرة لتبرير الاجراءات التعسفية ,و الاعدامات ,و المحاكمات الثورية, و التعيينات الغير قانونية لموالي النظام في مناصب حساسة ,تجاوزا لارادة الشعب تحت مسمى : الشرعية الثورية,و هي بشكل ما اضفاء شرعية على ممارسات ديكتاتورية مطلقة.
ماهي الشرعية الثورية؟
كما سبق و ذكرت,الثورات تقوم عادة لاحداث تغيير درامي في البنية السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية الغير عادلة في دولة ما,و هي في المجمل تضع عددا من الأهداف العامة التي يتوافق عليها الثائرون بمختلف توجهاتهم.
فالثورة الفرنسية,على سبيل المثال, تلخصت أهدافها في القضاء على الحكم الوراثي المطلق السلطات ,و القضاء على امتيازات الطبقة الارستقراطية ,و تأكيد حقوق المواطنة المتساوية لكل الفرنسيين.
وهو أيضا ماحدث لدى قيام الثورة البلشفية في روسيا( 1917 ),و التي قضت على حكم القياصرة ,و كانت تدعو الى تحسين وضع القطاعات المهمشة في المجتمع الروسي أنذاك,كطبقة العمال و الفلاحين..و هناك أمثلة أخرى لا يتسع المجال للدخول في تفاصيلها,كالثورة الكوبية مثلا,و عدد أخر من الثورات في أمريكا الجنوبية و أسيا.
و ماحدث عند انتصار تلك الثورات و نجاحها في ازالة اسباب الظلم و عدم العدالة,هو تكون طبقة جديدة سياسية أو عسكرية,نصبت نفسها وصية على أهداف الثورة, و منحت نفسها صلاحية مطلقة ,تحت عنوان الشرعية الثورية,لتتكون بذلك نخبة ذات صلاحيات غير محدودة, تقوم بتبرريها بضرورة اتخاذ اي اجراءات ضرورية ,من وجهة نظرهم,,لضمان تحقيق اهداف الثورة,و هو ما قد يقود الى انحراف خطير في المسار ,والانزلاق الى تبرير ممارسة ذات التعسف و التجاوزات التي قامت الثورة أساسا للتخلص منها.
ففي حالة الثورة الفرنسية,مثلا, نشأت ما يسمى بلجنة السلامة العامة (1793-1795) و التي تسبب أعضاؤها في خلال الفترة المذكورة,التي أطلق عليها : فترة الرعب,في اعدام ما يتراوح بين ستة عشر ألفا و أربعين ألف فرنسي,بدعوات مختلفة تتضمن التأمر على الشعب الفرنسي , والثورة ,و الاضرار بمصالح الجمهورية الفرنسية الأولى...الخ
و أمر مماثل حصل في الثورة البلشفية في روسيا ,بقيام الحزب الشيوعي بالسيطرة المطلقة(1922-1991) ,منصبا نفسه ممثلا لمصالح العمال,و قيامه بأقسى أجراءات القمع و التنكيل بدعوى محاربة الرأسمالية و البرجوازية الغربية..
يمكنك هنا ملاحظة التشابه الواضح بين هذه الحالات و الحالة التي كان يرزح تحتها الشعب الليبي طوال 42 عاما من حكم فرد مطلق,و منحه صلاحيات غير محدودة لمؤسسة اللجان الثورية ,التي كانت عمليا فوق القانون ,من منطلق الشرعية الثورية التي منحت لها لتمارس ما يلزم لحماية النظام.
و كنتيجة لانحراف الثورات عن مسارها تحت سيطرة هذه القوى,تنشأ طبقة حاكمة جديدة ذات سلطات شبه مطلقة,هدفها الرئيس هو حماية الامتيازات و تسخير كل المبررات و الامكانيات لتحقيق هذا الهدف,دون أي مرجعية ,حتى مرجعية الشعب نفسه, الذي فجر الثورة بدءا.
هل ليبيا في خطر الوقوع في هذا الفخ؟
في الحالة الليبية,قطاعات متنوعة من الشعب ثارت ضد حكم ديكتاتوري مريض,منادية باسقاطه و انتزاع الشعب لحريته و حقه في العيش بكرامة على أرضه و الاستفادة من مقدراتها..اشترك في ذلك الرجال و النساء, الكبار و الصغار, العسكريون و المدنيون ,شديدو التدين( لن اقول الاسلاميون) و الأقل تدينا..ثارت مدن الشرق و الغرب ,و معظم القبائل..
و بعد أن دفع معمر القذافي دفعا الى عسكرة الثورة,تغير كل شئ .
اذ نشأت كتائب مسلحة للثوار ,قامت بملحمة كبرى لحماية الثورة و محاربة الالة العسكرية الرهيبة لمعمر القذافي, و تحقق لها نصر مؤزر بتوفيق الله سبحانه و تعالى,و شجاعة المقاتلين,ووقوف العالم الى جانب ليبيا.
لكن ,كنتيجة حتمية لنشؤ تلك التشكيلات المسلحة القوية في مختلف المدن ,و بتوجهات مختلفة,تعالت أصوات البعض تنادي بوضع خاص للثوار في مستقبل ليبيا السياسي,و يصل الأمر بالبعض الاعلان صراحة بأنه لن يضع السلاح, و لن يخضع لأي سلطة ,لأنه يرى بأن (الشرعية الثورية) الممنوحة من قبل الثوار تمنحهم صلاحيات تبررها تضحياتهم,و يرفضون بموجبها أن تتم مساواتهم بمن لم (يثوروا) و أن يكون لهم امتيازات تحديد مسار ليبيا المستقبل..و أصوات أخرى تنادي بامتيازات جهوية خاصة لا تأخذ في الاعتبار تضحيات الشعب بأكمله الذي دعم بها الثورة كل على حسب قدرته,و الا لما كتب لها النجاح لو لم يكن لها قاعدة شعبية تحتضنها.
هذه الدعوات لا زالت تصدر بشكل فردي من مجموعات متفرقة,فالكثير من الثوار الأن ألقوا السلاح, ويحاولون لعب دور فعال في بناء الدولة الجديدة ,التي يأملون أن تكون دولة قانون و عدل و مواطنة,لكن تلك الأصوات لا زالت مصدر للقلق و عدم الاستقرار في هذه الفترة الحساسة من تاريخ ليبيا.
الحل؟
يحتاج التعامل مع الوضع الحالي الى كم هائل من الحكمة و التروي في التعاطي و المقاربة,تكون الأولوية فيه للتأكيد على الأهداف الأساسية التي قامت عليها الثورة,و هو ارساء مبادئ دولة العدل و القانون. و تبيان أن التهديد باستخدام السلاح لن يؤدي الا الى انعدام الاستقرار و تأخير تحقيق طموحات غالبية الشعب الليبي
يمكننا أيضا الاستفادة من دروس التاريخ و تجارب الامم الاخرى الناجحة,كتجربة الثورة الأمريكية مثلا, فخلال حربهم ضد الحكم البريطاني(1775-1783) ,تعددت الميليشيات المسلحة المتكونة من مدنيين قاموا بدور أساسي في الانتصار على هذا الحكم,و ضمان الاستقرارعند نشؤ الولايات المتحدة الأمريكية,و تم في ما بعد ادماجها في المجتمع بحيث يظل وجودها ضمانا لأمن المجتمع,لكن ضمن مرجعية سلطة الدولة و الدستور..و هي لا تزال موجودة الى اليوم بمسمى :الحرس الوطني في الولايات المتحدة,و أو دمجهم في قوات الجيش النظامي أو الشرطة اذا لم يرغبوا بالعودة للحياة المدنية,
لابد أن ندرك كليبيين أن نشؤ طبقة ,مهما عظمت تضحياتها, تحاول تبرير امتيازات و سلطات مطلقة بهذه التضحيات هو في الواقع خطوة الى الوراء..لا يمكن لأي كان أني ينكر كل هذه التضحيات,و يجب اتخاذ ما يلزم لضمان حصول الثوار على ما يستحقونه من تقدير و اهتمام و معالجة المصابين منهم و ضمان دمج المقاتلين في المجتمع من جديد لأداء دورهم الفعال كمواطنين,التأكد من حصولهم على الرعاية اللازمة الصحية و النفسية و الاجتماعية و ضمان مساهمتهم في بناء الدولة و حق الممارسة السياسية الديمقراطية ,لكن دون نشؤ طبقة جديدة قد يحاول بعض اعضائها القفز فوق القانون و الشرعية التي منحها الشعب ,و ذلك تحت مسمى : الشرعية الثورية
لكن المشترك بين معظم تلك الثورات ,منذ قيام الثورة الفرنسية (1789-1799) و حتى تفجر الثورة الليبية(15 فبراير 2011 -؟؟؟؟) هو بروز ظاهرة ما يسمى بالشرعية الثورية
و كما خبر الليبيون,فقد كانت الشرعية الثورية هي النغمة المفضلة في نظام معمر القذافي المنهار, و التي استعملت في حالات كثيرة لتبرير الاجراءات التعسفية ,و الاعدامات ,و المحاكمات الثورية, و التعيينات الغير قانونية لموالي النظام في مناصب حساسة ,تجاوزا لارادة الشعب تحت مسمى : الشرعية الثورية,و هي بشكل ما اضفاء شرعية على ممارسات ديكتاتورية مطلقة.
ماهي الشرعية الثورية؟
كما سبق و ذكرت,الثورات تقوم عادة لاحداث تغيير درامي في البنية السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية الغير عادلة في دولة ما,و هي في المجمل تضع عددا من الأهداف العامة التي يتوافق عليها الثائرون بمختلف توجهاتهم.
فالثورة الفرنسية,على سبيل المثال, تلخصت أهدافها في القضاء على الحكم الوراثي المطلق السلطات ,و القضاء على امتيازات الطبقة الارستقراطية ,و تأكيد حقوق المواطنة المتساوية لكل الفرنسيين.
وهو أيضا ماحدث لدى قيام الثورة البلشفية في روسيا( 1917 ),و التي قضت على حكم القياصرة ,و كانت تدعو الى تحسين وضع القطاعات المهمشة في المجتمع الروسي أنذاك,كطبقة العمال و الفلاحين..و هناك أمثلة أخرى لا يتسع المجال للدخول في تفاصيلها,كالثورة الكوبية مثلا,و عدد أخر من الثورات في أمريكا الجنوبية و أسيا.
و ماحدث عند انتصار تلك الثورات و نجاحها في ازالة اسباب الظلم و عدم العدالة,هو تكون طبقة جديدة سياسية أو عسكرية,نصبت نفسها وصية على أهداف الثورة, و منحت نفسها صلاحية مطلقة ,تحت عنوان الشرعية الثورية,لتتكون بذلك نخبة ذات صلاحيات غير محدودة, تقوم بتبرريها بضرورة اتخاذ اي اجراءات ضرورية ,من وجهة نظرهم,,لضمان تحقيق اهداف الثورة,و هو ما قد يقود الى انحراف خطير في المسار ,والانزلاق الى تبرير ممارسة ذات التعسف و التجاوزات التي قامت الثورة أساسا للتخلص منها.
ففي حالة الثورة الفرنسية,مثلا, نشأت ما يسمى بلجنة السلامة العامة (1793-1795) و التي تسبب أعضاؤها في خلال الفترة المذكورة,التي أطلق عليها : فترة الرعب,في اعدام ما يتراوح بين ستة عشر ألفا و أربعين ألف فرنسي,بدعوات مختلفة تتضمن التأمر على الشعب الفرنسي , والثورة ,و الاضرار بمصالح الجمهورية الفرنسية الأولى...الخ
و أمر مماثل حصل في الثورة البلشفية في روسيا ,بقيام الحزب الشيوعي بالسيطرة المطلقة(1922-1991) ,منصبا نفسه ممثلا لمصالح العمال,و قيامه بأقسى أجراءات القمع و التنكيل بدعوى محاربة الرأسمالية و البرجوازية الغربية..
يمكنك هنا ملاحظة التشابه الواضح بين هذه الحالات و الحالة التي كان يرزح تحتها الشعب الليبي طوال 42 عاما من حكم فرد مطلق,و منحه صلاحيات غير محدودة لمؤسسة اللجان الثورية ,التي كانت عمليا فوق القانون ,من منطلق الشرعية الثورية التي منحت لها لتمارس ما يلزم لحماية النظام.
و كنتيجة لانحراف الثورات عن مسارها تحت سيطرة هذه القوى,تنشأ طبقة حاكمة جديدة ذات سلطات شبه مطلقة,هدفها الرئيس هو حماية الامتيازات و تسخير كل المبررات و الامكانيات لتحقيق هذا الهدف,دون أي مرجعية ,حتى مرجعية الشعب نفسه, الذي فجر الثورة بدءا.
هل ليبيا في خطر الوقوع في هذا الفخ؟
في الحالة الليبية,قطاعات متنوعة من الشعب ثارت ضد حكم ديكتاتوري مريض,منادية باسقاطه و انتزاع الشعب لحريته و حقه في العيش بكرامة على أرضه و الاستفادة من مقدراتها..اشترك في ذلك الرجال و النساء, الكبار و الصغار, العسكريون و المدنيون ,شديدو التدين( لن اقول الاسلاميون) و الأقل تدينا..ثارت مدن الشرق و الغرب ,و معظم القبائل..
و بعد أن دفع معمر القذافي دفعا الى عسكرة الثورة,تغير كل شئ .
اذ نشأت كتائب مسلحة للثوار ,قامت بملحمة كبرى لحماية الثورة و محاربة الالة العسكرية الرهيبة لمعمر القذافي, و تحقق لها نصر مؤزر بتوفيق الله سبحانه و تعالى,و شجاعة المقاتلين,ووقوف العالم الى جانب ليبيا.
لكن ,كنتيجة حتمية لنشؤ تلك التشكيلات المسلحة القوية في مختلف المدن ,و بتوجهات مختلفة,تعالت أصوات البعض تنادي بوضع خاص للثوار في مستقبل ليبيا السياسي,و يصل الأمر بالبعض الاعلان صراحة بأنه لن يضع السلاح, و لن يخضع لأي سلطة ,لأنه يرى بأن (الشرعية الثورية) الممنوحة من قبل الثوار تمنحهم صلاحيات تبررها تضحياتهم,و يرفضون بموجبها أن تتم مساواتهم بمن لم (يثوروا) و أن يكون لهم امتيازات تحديد مسار ليبيا المستقبل..و أصوات أخرى تنادي بامتيازات جهوية خاصة لا تأخذ في الاعتبار تضحيات الشعب بأكمله الذي دعم بها الثورة كل على حسب قدرته,و الا لما كتب لها النجاح لو لم يكن لها قاعدة شعبية تحتضنها.
هذه الدعوات لا زالت تصدر بشكل فردي من مجموعات متفرقة,فالكثير من الثوار الأن ألقوا السلاح, ويحاولون لعب دور فعال في بناء الدولة الجديدة ,التي يأملون أن تكون دولة قانون و عدل و مواطنة,لكن تلك الأصوات لا زالت مصدر للقلق و عدم الاستقرار في هذه الفترة الحساسة من تاريخ ليبيا.
الحل؟
يحتاج التعامل مع الوضع الحالي الى كم هائل من الحكمة و التروي في التعاطي و المقاربة,تكون الأولوية فيه للتأكيد على الأهداف الأساسية التي قامت عليها الثورة,و هو ارساء مبادئ دولة العدل و القانون. و تبيان أن التهديد باستخدام السلاح لن يؤدي الا الى انعدام الاستقرار و تأخير تحقيق طموحات غالبية الشعب الليبي
يمكننا أيضا الاستفادة من دروس التاريخ و تجارب الامم الاخرى الناجحة,كتجربة الثورة الأمريكية مثلا, فخلال حربهم ضد الحكم البريطاني(1775-1783) ,تعددت الميليشيات المسلحة المتكونة من مدنيين قاموا بدور أساسي في الانتصار على هذا الحكم,و ضمان الاستقرارعند نشؤ الولايات المتحدة الأمريكية,و تم في ما بعد ادماجها في المجتمع بحيث يظل وجودها ضمانا لأمن المجتمع,لكن ضمن مرجعية سلطة الدولة و الدستور..و هي لا تزال موجودة الى اليوم بمسمى :الحرس الوطني في الولايات المتحدة,و أو دمجهم في قوات الجيش النظامي أو الشرطة اذا لم يرغبوا بالعودة للحياة المدنية,
لابد أن ندرك كليبيين أن نشؤ طبقة ,مهما عظمت تضحياتها, تحاول تبرير امتيازات و سلطات مطلقة بهذه التضحيات هو في الواقع خطوة الى الوراء..لا يمكن لأي كان أني ينكر كل هذه التضحيات,و يجب اتخاذ ما يلزم لضمان حصول الثوار على ما يستحقونه من تقدير و اهتمام و معالجة المصابين منهم و ضمان دمج المقاتلين في المجتمع من جديد لأداء دورهم الفعال كمواطنين,التأكد من حصولهم على الرعاية اللازمة الصحية و النفسية و الاجتماعية و ضمان مساهمتهم في بناء الدولة و حق الممارسة السياسية الديمقراطية ,لكن دون نشؤ طبقة جديدة قد يحاول بعض اعضائها القفز فوق القانون و الشرعية التي منحها الشعب ,و ذلك تحت مسمى : الشرعية الثورية
أيا يكن,فان استمرار المظاهر المسلحة خارج اطار الشرعية وبعيدا عن مظلة الدولة و الشرعية الدستورية في اطار مؤسساتسي,هو وصفة مؤكدة لانعدام الاستقرار و محاولة فرض أمر واقع على الشعب الليبي من قبل بعض من لديهم أهداف مشبوهة لا تتوافق مع مصالح الشعب الليبي..
و الله من وراء القصد
د.عاصم سليمان
Sunday, October 2, 2011
دعني اختلف معك في الراي، من فضلك
قامت ثورة فبراير المجيدة ضد الظلم و البطش و الاقصاء ، ورفعت شعارات تدعو الى الوحدة و الحرية و حق المشاركة و عدم التهميش و مبادئ حقوق الانسان و حرية التعبير
قامت الثورة، و حولها نظام معمر القذافي و زمرته الشريرة الى حرب شعواء ضد الشعب الليبي بكل اطيافه و مدنه و قبائله و تركيبته، و قادها مع ابنائه و اتباعه الذين تشربوا فلسفته المشوهة المريضة، و تعطشه اللامحدود للدماء
لن ادخل في تفاصيل ما تعرفونه ، فكلنا تاثرت حياتنا بما جرى، سواء ابناء ليبيا في الداخل او الخارج
كلنا يعرف شخصا فقد او اصيب او استشهد في حرب معمر القذافي العبثية ضد الشعب..
كلنا عانى بشكل او باخر خلال هذه المحنة العصيبة ، التي تولد فيها امتنا الليبية من جديد ، و الثمن هو دم ابنئها الذين دفعوا ارواحهم في سبيل القضية..
و الان، بفضل الله سبحانه و تعالى، و فضل كل من ساهم في الدفاع عن الوطن ايا كان موقعه، اصبح لنا جميع راي لا نخاف ان نجاهر به، و لعمري هو امر رائع ان تجاهر بما يدور في خلدك و ان تمارس حقك في الاختلاف مع الاخرين دون خوف او وجل..
و لكن....
و اهٍ من كلمة لكن هذه
اربعة عقود من القهر و الظلم و تكميم الافواه و الملاحقة ، طمست لدينا ثقافة الاختلاف و الحوار، و بات من يتجرا على مخالفة راي ما، هدفا مشروعا لكل الصديد المتراكم في قلوبنا و الذي نجح النظام المخلوع ان يحقنه في قلوبنا و ان يجعل ارواحنا تفيض به...
تناقش احدهم ، و تخبره برايك، و تقارع حجته بحجة، و تظن نفسك في حوار راقٍ يسمع فيه الجميع الجميع، لكنه عندما لا يجد ما يرد به على حججك ، و لا يملك الا ما حقن به عقله من راي لا يطيق ان يسمع غيره، فانه يهاجمك ساخرا تارة، و مهاجما اخرى.. قد يشكك في دوافعك( فتهمة الانتماء للطابور الخامس هي القالب الجاهز لكل من لا تطيقه الان) ، او قد ( يتهمك) بانك حتما تنتمي الى قبيلة معينة من قبائل ليبيا، و هو الذي لم يخجل في اعلان كرهه المعلن لهذه القبيلة بكل افرادها دون استثناء، لان افرادا منها ، كثروا او قلوا، تعاونوا مع الشر و باعوا انفسهم للشيطان.. و عجبي على زمن صار فيه انتماؤك لقبيلة بعينها تهمة، يظن متهمك انه من واجبك ان تدفعها عن نفسك... و عندما تخبره بانك تنتمي لقبيلة اخرى ، يقول لك بكل ( هدوء) بانه شك في دوافعك في النقاش ، حاسبا انها دفاعا عن ( ابن عم) ، ثم يخبرك بكل وطنية بانه لا يبالي ان انتميت الى هذه القبيلة او تلك، فكلنا ليبيون!!!!! هكذا ، بكل بساطة..دعني اخبرك بانه لو لم تكن القبيلة و ترسباتها تملا عقلك و تفكيرك ووجدانك، اخي في الوطن و الدين، لما وجهت هذا ( الاتهام) المزعوم.. و دعني اخبرك ما قاله الثوار في بداية الثورة المجيدة: ليبيا هي قبيلتي... و ان اخطا البعض، او الكثير، فليس يلام الا المخطئ، لا احد سواه.. و لنا في قصة رسولنا الكريم، عليه افضل الصلاة و التسليم، اذ جاءه ملك الجبال و قال له: يا محمد, ذلك . مما شئت , إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين, أي لفعلت والأخشبان: هما جبلا مكة أبو قبيس والذي يقابله وهو قعيقان- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . بل أرجو أن يخرج الله عزوجل من أصلابهم من يعبد الله عزوجل وحده. لا يشرك به شيئاً)
لم يقل الرسول الكريم ما كتبه احدهم، بان الواجب ( نحرهم جميعا) ، او ( ان لا خير فيهم بمجملهم، الا قلة قليلة اعرفها).. و من جديد عجبي على من احب الرسول كلاما ، و ابى ان يتبع افعاله..
ثم في نقاش اخر قد تطرح رايا ما، بناءً على معلومة قد تكون سليمة او خاطئة، فما لنا الا ما اوردته مصادر اخبار او نقاشات المفترض انها علمية، فتكاد ترى اصبع احدهم يخترق شاشة حاسوبك،و تكاد تسمع صراخه في وجهك: لا تزيفوا التاريخ ، فنحن تشربنا تاريخ ليبيا منذ طفولتنا، و نعلم منه ما خفي و ما لا تعلمون... متناسين بان التاريخ غير المدعم بالوثائق ليس تاريخا، بل هو وجهة نظر، و الا لما اختلف كبار المؤرخين في طرح صور مختلفة لنفس الحدث..و لذا فان اتهامك المبطن لمن يخالف وجهة نظرك تلك ( بتزوير) التاريخ، هو مصادرة للحق في ابداء الراي، اكان مصيبا في رايه ام مخطئا...ناهيك عن احتمال ان تكون انت نفسك مخطئا، فحتماً لم تكن هناك عندما حصل ما حصل..
من المحزن ان ترى ان ثقافة الاختلاف لدينا مشوارها طويل ... محفوف بالاتهامات المتبادلة، و السخرية و التحقير و التعميم...
من المحزن ان ترى من يلقي اليك بعبارة زمن الخوف قد ولّى و انه حر في ان يقول ما يريد، متناسيا انه في زمن الحروب، الكلمات تقتل مثلها مثل الرصاص.. و ان كلمتك ان تسببت في قتل مظلوم ، فان يديك تخضبت بدماء هذا المظلوم، حتى و ان لم تكن انت من ضغط الزناد..
من المحزن انه عندما تتكلم عن تسامح دينك، و تدعوا لاتباع مثال نبيك الكريم ، يصرخ في وجهك احدهم في وجهك: هم يستحقون الحرق احياء، لا خير فيهم اجمعين، و لا يلقي بالاً لما تقول..
من المحزن ان ثقافة الصراخ ، و الشتائم ، و الغاء الاخر و تعميم الاتهامات هي التي تسود.. و يبدو ان ما زرعه معمر القذافي، الذي هدم يوما بيوت عائلات لان بعض ابنائها وقفوا ضده، نقوم نحن بسقياه و رعايته..
لذا دعني اهمس لك في رجاء:
ارجوك، دعني اختلف معك في الراي....
السلام عيكم
عاصم سليمان
قامت الثورة، و حولها نظام معمر القذافي و زمرته الشريرة الى حرب شعواء ضد الشعب الليبي بكل اطيافه و مدنه و قبائله و تركيبته، و قادها مع ابنائه و اتباعه الذين تشربوا فلسفته المشوهة المريضة، و تعطشه اللامحدود للدماء
لن ادخل في تفاصيل ما تعرفونه ، فكلنا تاثرت حياتنا بما جرى، سواء ابناء ليبيا في الداخل او الخارج
كلنا يعرف شخصا فقد او اصيب او استشهد في حرب معمر القذافي العبثية ضد الشعب..
كلنا عانى بشكل او باخر خلال هذه المحنة العصيبة ، التي تولد فيها امتنا الليبية من جديد ، و الثمن هو دم ابنئها الذين دفعوا ارواحهم في سبيل القضية..
و الان، بفضل الله سبحانه و تعالى، و فضل كل من ساهم في الدفاع عن الوطن ايا كان موقعه، اصبح لنا جميع راي لا نخاف ان نجاهر به، و لعمري هو امر رائع ان تجاهر بما يدور في خلدك و ان تمارس حقك في الاختلاف مع الاخرين دون خوف او وجل..
و لكن....
و اهٍ من كلمة لكن هذه
اربعة عقود من القهر و الظلم و تكميم الافواه و الملاحقة ، طمست لدينا ثقافة الاختلاف و الحوار، و بات من يتجرا على مخالفة راي ما، هدفا مشروعا لكل الصديد المتراكم في قلوبنا و الذي نجح النظام المخلوع ان يحقنه في قلوبنا و ان يجعل ارواحنا تفيض به...
تناقش احدهم ، و تخبره برايك، و تقارع حجته بحجة، و تظن نفسك في حوار راقٍ يسمع فيه الجميع الجميع، لكنه عندما لا يجد ما يرد به على حججك ، و لا يملك الا ما حقن به عقله من راي لا يطيق ان يسمع غيره، فانه يهاجمك ساخرا تارة، و مهاجما اخرى.. قد يشكك في دوافعك( فتهمة الانتماء للطابور الخامس هي القالب الجاهز لكل من لا تطيقه الان) ، او قد ( يتهمك) بانك حتما تنتمي الى قبيلة معينة من قبائل ليبيا، و هو الذي لم يخجل في اعلان كرهه المعلن لهذه القبيلة بكل افرادها دون استثناء، لان افرادا منها ، كثروا او قلوا، تعاونوا مع الشر و باعوا انفسهم للشيطان.. و عجبي على زمن صار فيه انتماؤك لقبيلة بعينها تهمة، يظن متهمك انه من واجبك ان تدفعها عن نفسك... و عندما تخبره بانك تنتمي لقبيلة اخرى ، يقول لك بكل ( هدوء) بانه شك في دوافعك في النقاش ، حاسبا انها دفاعا عن ( ابن عم) ، ثم يخبرك بكل وطنية بانه لا يبالي ان انتميت الى هذه القبيلة او تلك، فكلنا ليبيون!!!!! هكذا ، بكل بساطة..دعني اخبرك بانه لو لم تكن القبيلة و ترسباتها تملا عقلك و تفكيرك ووجدانك، اخي في الوطن و الدين، لما وجهت هذا ( الاتهام) المزعوم.. و دعني اخبرك ما قاله الثوار في بداية الثورة المجيدة: ليبيا هي قبيلتي... و ان اخطا البعض، او الكثير، فليس يلام الا المخطئ، لا احد سواه.. و لنا في قصة رسولنا الكريم، عليه افضل الصلاة و التسليم، اذ جاءه ملك الجبال و قال له: يا محمد, ذلك . مما شئت , إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين, أي لفعلت والأخشبان: هما جبلا مكة أبو قبيس والذي يقابله وهو قعيقان- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . بل أرجو أن يخرج الله عزوجل من أصلابهم من يعبد الله عزوجل وحده. لا يشرك به شيئاً)
لم يقل الرسول الكريم ما كتبه احدهم، بان الواجب ( نحرهم جميعا) ، او ( ان لا خير فيهم بمجملهم، الا قلة قليلة اعرفها).. و من جديد عجبي على من احب الرسول كلاما ، و ابى ان يتبع افعاله..
ثم في نقاش اخر قد تطرح رايا ما، بناءً على معلومة قد تكون سليمة او خاطئة، فما لنا الا ما اوردته مصادر اخبار او نقاشات المفترض انها علمية، فتكاد ترى اصبع احدهم يخترق شاشة حاسوبك،و تكاد تسمع صراخه في وجهك: لا تزيفوا التاريخ ، فنحن تشربنا تاريخ ليبيا منذ طفولتنا، و نعلم منه ما خفي و ما لا تعلمون... متناسين بان التاريخ غير المدعم بالوثائق ليس تاريخا، بل هو وجهة نظر، و الا لما اختلف كبار المؤرخين في طرح صور مختلفة لنفس الحدث..و لذا فان اتهامك المبطن لمن يخالف وجهة نظرك تلك ( بتزوير) التاريخ، هو مصادرة للحق في ابداء الراي، اكان مصيبا في رايه ام مخطئا...ناهيك عن احتمال ان تكون انت نفسك مخطئا، فحتماً لم تكن هناك عندما حصل ما حصل..
من المحزن ان ترى ان ثقافة الاختلاف لدينا مشوارها طويل ... محفوف بالاتهامات المتبادلة، و السخرية و التحقير و التعميم...
من المحزن ان ترى من يلقي اليك بعبارة زمن الخوف قد ولّى و انه حر في ان يقول ما يريد، متناسيا انه في زمن الحروب، الكلمات تقتل مثلها مثل الرصاص.. و ان كلمتك ان تسببت في قتل مظلوم ، فان يديك تخضبت بدماء هذا المظلوم، حتى و ان لم تكن انت من ضغط الزناد..
من المحزن انه عندما تتكلم عن تسامح دينك، و تدعوا لاتباع مثال نبيك الكريم ، يصرخ في وجهك احدهم في وجهك: هم يستحقون الحرق احياء، لا خير فيهم اجمعين، و لا يلقي بالاً لما تقول..
من المحزن ان ثقافة الصراخ ، و الشتائم ، و الغاء الاخر و تعميم الاتهامات هي التي تسود.. و يبدو ان ما زرعه معمر القذافي، الذي هدم يوما بيوت عائلات لان بعض ابنائها وقفوا ضده، نقوم نحن بسقياه و رعايته..
لذا دعني اهمس لك في رجاء:
ارجوك، دعني اختلف معك في الراي....
السلام عيكم
عاصم سليمان
Subscribe to:
Comments (Atom)